top of page
  • Writer's picturefatima

وجهوا أبنائكم لهذا الكنز


لم يعد جديدا القول، بأن طبيعة الحياة، هو التغير والتطور، ولم يعد خافيا بأن التقنيات الحديثة ضربت بقوة وعنف كبير في كافة أرجاء المعمورة، وأن البشرية تدخل في حقبة جديدة من التطور غير مسبوقة ولم يعدها الإنسان من قبل، وهي حقبة الربوت والخدمات الذاتية الآلية، ومعها ستتضاءل وتقل أعداد الكثير من الوظائف المعتادة والمعروفة اليوم، وقد يتم إلغائها والاستغناء التام عنها وعن مسماها، والبعض الآخر من الوظائف والتي يعمل فيها سواد كبير من الناس، ستزيد معاييرها واشتراطاتها، فالوظيفة التي كان من الممكن ممن يحمل الشهادة الثانوية أن يلتحق بها، ستصبح حكرا على من يحمل الشهادة الجامعية، وتلك التي كانت من أهم شروطها شهادة البكالوريوس في الاقتصاد أو الإدارة العامة ونحوها، سيصبح من أهم متطلباتها التدريب خلال فترة الدارسة والخبرة، والشهادة العلمية لن تكون المفتاح الذهبي وحسب.

ملامح مثل هذه التعقيدات بدأت تطفح للسطح منذ أكثر من عقد من الزمان، فنحن نعرف أنه كان يتواجد قسم كامل من العاملين اللذين يتمتعون بالخبرة اللازمة، وظيفتهم تتركز على متابعة أداء الموظفين في قطاعات العمل المختلفة، من حيث الحضور والانصراف والإجازات والغيابات، ومهام العمل التي أوكلت للموظف، ومراجعة تقييم المدراء، ومن ثم توزيع هذه الدرجات على سجل الموظف، وهذا القسم رغم أهميته القصوى في مجال الأعمال وفي تحسين الأداء ومراقبة الإنتاج لكل موظف بعدالة، لأنه يترتب عليه علاوات وترقيات ونحوها، أقول أنه على الرغم من أهمية هذا القسم، تم الاستغناء عن جميع موظفي هذا القسم بجرة قلم، ووجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها عاطلين عن العمل، أما لماذا؟ فلأن أرباب العمل قاموا بتركيب نظام برنامج متكاملة عبر الكمبيوتر يقوم بتسجيل الحضور والانصراف آليا ومربوط بسجل كل موظف، وعلى كل موظف تسجيل إجازاته وطلباته جميعا الكترونيا، وتذهب للخادم الذي يقوم بوظيفة ذلكم القسم، في حفظ سجل الموظف كاملا، حتى المدراء عندما يقيمون الموظف، يتولى الكمبيوتر جمع المعلومات وتوجيها لملف الموظف المعني، وبضغطة واحدة يمكن مراجعة سجل كامل وشامل عن الموظف، طوال الفترة التي يرغب المدير العام مراجعة السجل خلالها.. إذا تغيب أو تأخر الموظف، فإن الكمبيوتر مباشرة يوجه رسالة نحو الإدارة المالية، التي يتم الخصم آليا عليه، وهكذا فإن الكمبيوتر، وكما هو معروف ألغى ذلك القسم بأكمله، واليوم أعتقد أن مثل هذا النظام ليس مستغرب أو فريد، بل هو معمول به في كثير من القطاعات والشركات، ولكننا ننسى انه ألغي الكثير جدا من الوظائف، ومن المؤكد أن عملية التحديث والتطوير مستمرة ومعها سيتم إلغاء المزيد من الوظائف.. مع مثل هذا الواقع الماثل والذي نعيشه، يجب التساؤل، كيف سيكون عليه الحال بعد عشرة أعوام، أو عشرين عاما من الآن، من المؤكد أن الصعوبات ستزيد أكثر، إذن ما العمل في مواجهة هذا الواقع؟ وكيف يمكن أن نمهد الطريق لأبنائنا لتجاوز هذه الضبابية التي قد تمس مستقبلهم أو تهدده؟

من هنا أرى أن الوقت حان لنغرس في أفئدة أطفالنا أهمية العمل، وأن نوجههم نحو العمل الحر، في التوجه نحو التجارة، وهي فرص واعدة ومتسعة، وأرضيتها خصبة جدا في بلادنا، ومستقبلها مضمون، يجب أن ندرب أطفالنا على إقامة أعمالهم الخاص، وبمثل هذا التوجه نحميهم من تقلبات سوق العمل المتوقعة، فضلا عن هذا نقدم لهم أجمل ما يمكن أن يجدوه في حياتهم، وهو مساحة واسعة للإبداع في مهام خاصة بهم، ولإنتاج مثمر وثري يرتد عليهم مباشرة.


4 views0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page